رواية إيكادولي.. مختصرة

رواية إيكادولي

مقدمة :

رواية إيكادولي رواية شيقة وممتعة فيها الكثير من المغامرات التي يفضلها الجميع في قراءة القصص الشيقة لتأخذكم إلي عالم الخيال

وتقول الدكتورة حنان لاشين كاتبة الرواية في مقدمتها :

” قد تكون الكلمات وكل الكتابات ميتة, مكفنة في أوراق دفاترنا البيضاء, معانيها مدفونة بين السطور,

على الرفوف وفي أدراج المكاتب, لا تحيا إلا عندما تُقرأ فتجري الدماء في أوصالها بخيال القارىء وعندما يصدقها تضج بالحياة!”

” ابادول “

مطر خفيف كالبكاء يرشق الرمال الناعمة بعذوبة, من بعيد ثمة نهر ريان يتدفق ماؤه العذب بهدوء,

ضوء الشمس الذهبي يميل بدلال فيداعب تلك الغدران الصغيرة التي تكونت هنا وهناك لتنعكس ألوان الطيف وتتعانق في الهواء .

سعف النخيل يظلل الأفق من بعيد وكأنه سحاب أخضر, صيحة غريبة صمت أُذنيه ثم شعر فجأة بمخالب تقبض على كتفيه

فرفع بصره ورأى طائراً عملاقاً يبسط جناحيه مظللاً فوق رأسه, تسارعت أنفاسه وهو يطير على إرتفاع شاهق فوق وادِِ عميق

يقطعه نهر ماؤه رقراق زُمردي اللون!

لا حت من بعيد أكواخٌ صغيرة لكنها متقاربة مصفوفة بإنتظام في مجاميع يفصل بينها ممرات

أرضها مغطاة بزهور صغيرة صفراء. تناهى إلى سمعه صوت أنثوي ناعم, كان يُناديه ويكرر كلمة غريبة لم يدرك كنهها!

إستعذب الصوت للحظات لكن خفقات قلبه التي بدأت تؤلمه في صدره أنسته حلاوة الصوت, وفجأة! إنفلت من بين مخالب الطائر ليهوى تجاه مصب ذاك النهر الفياض بسرعة شديدة.

كان لون الماء يزداد قتامة كلما إقترب منه, أراد أن يرفع عينيه ليرى هيئة الطائر الذي كان

يحمله, لكن ظل جناحيه الكبيرين المهيبين كان قد حجب عن عينيه كل شىء .

فتح زراعيه وباعد بين ساقيه فحلق لفترة وجيزة, للحظات شعر أنه أخف من الريشة, وكأنه يحلق بروحه لا بجسده .

على صفحة الماء لاح له رمز غريب الشكل حدق فيه وهو يقترب, ويقترب, ويقترب, وفجأة….

” الكابوس ! “

التقمه الظلام وظل رنين حاد يتصاعد مخترقاً أُذنيه أيقظه رنين هاتفه النقال وكان وقته على السادسة والنصف

مد زراعه بصعوبة بعد أن قاوم ذاك الشعور بأنه مشلول البدن ليوقف صوت الرنين المُزعج

مسح جبينه الذي كانت تتلألأ عليه حبات العرق وجلس على طرف الفراش يلتقط أنفاسه نفس الكابوس الذي يتكررنفس المخالب

نفس الطائر الذي لا يدرك كنهه! ونفس النهر ذي الماء الأخضر الزمردي وذاك الرمز الغريب…سار بخُطوات بطيئة نحو المرآة وطالع وجهه وكأنه يُطالع شخصاً غريباً عنه

عينان بندقيتان وحاجبان كثيفان على وشك الإلتحام وأنف ذو إنحناءة لطيفة يتوسط وجهاً مستديراً ظللته لحية خفيفة

أحياناً يشعر أنه غريب عن نفسه وخاصةً في تلك اللحظات التي تعقب استيقاظه من ذاك الكابوس المتكرر.

غادر غرفته ومر برواق البيت فلمح والديه فحياهما سريعاً وأسرع يصبُ الماء البارد على رأسه,

لعل الأفكار التي تنهش رأسه تهدأ ثم لحق بوالديه في المطبخ الذي كان يعبق برائحة القهوة

جلس وقد بدت على وجهه علامات الإرهاق, أزاح والده الجريدة التي كانت تحجب وجهه عنه

وطالعه من فوق عويناته بتمعن وقال بنبرة هادئة:

– هل رأيت نفس الكابوس؟

– نعم .

– هل سقط في الماء؟

– لا…كالعادة استيقظت قبل أن يلمس جسدي الماء

– هل رأيت رأس الطائر

– لا…لايا أبي!

” أنس ووالده “

رفع الأب سبابته وحرك عويناته على أرنبة أنفه وعاد للقراءة كانت تلك الأسئلة الثلاثة تتكرر في كل مرة يستيقظ فيها”أنس”

وعلى وجهه علامات الإرهاق وكأن أباخ يقرأ صفحة وجهه فيدرك أنه رأى نفس الكابوس! شرد “أنس” للحظات قبل أن يقول بخفوت:

لكنني سمعت صوتاً لم أسمعه من قبل!

انتفض والده وكأن هناك من وخزه بإبرة وألقى الصحيفة وسأله وقد اتسعت حدقتا عينيه:

صف لي الصوت وأخبرني ماذا قال لك .

أغمض ” أنس “عينيه ليجترُ ما رآه وأحس به, ثم قال بصوت متهجد:

– كان صوتاً أنثوياً رقيقاً وجميلاً, لم أسمع مثله من قبل, غناء ربما أو كان هناك فتاة ما تهمس في أُذني

– خلع الأب عويناته وعاد يحدق في وجهه وسأله بتوتر:

– ماذا قالت لك؟

– كانت تردد كلمة لم أفهمها ولم أدرك معناها, أظنها بلُغة غريبة ما !

– ماهي الكلمة؟

– لا أذكر

– حاول أن تركز أرجوك…كررها أمامي

– التفت ” أنس” متعجباً من إلحاح والده عليه وهز كتفيه بلا اكتراث وهو يقول:

– للأسف نسيتها

شحب وجه الأب وطالعه بنظرات مرتابة, التفت “أنس” لأمه التي مسحت على ظهره بحنان لكي يطمئن

التقط يدها ووضعها على صدره, كان يشعر بإنقباض لا يبارحه عادة إلا بعد فترة طويلة في مثل هذا الموقف

تناول قهوتة على عجل ولم يكمل إفطاره فقد دقت الساعة معلنة أنها السابعة والنصف ولابد أن

يسرع حتي لا يفوته موعد القطار

على مكتبه كانت حقيبته الجلدية التي اعتاد أن يحملها على ظهره عندما يُسافر, شاحن الهاتف وجهاز الحاسوب النقال.

كان أهم ما حرص “أنس” على وضعه في حقيبته بجانب ما وضعته أمه من ملابس وجوارب ليسافر إلى بيت جده .

“أنس في بيت جده”

ذهب “أنس ” إلى بيت جده في عطلة نهاية العام الدراسي حيث كان يدرس بكلية الهندسة

قال الأب لأنس وهما بالسيارة حيث كان أباه يوصله لمحطة القطار:

لا تترك جدك وحده لفترة طويلة فأنت هناك لكي تُؤنسة ليس من اللائق ألا تنظرإليه وهو يحدثك فهذا يزعجه كثيرا

– إنصت إلى نصائحة بلا جدال وإستأذن منه قبل أن تستعير أي كتاب من مكتبته الخاصة

– كن ضيفاً خفيفاً ولا تثقل عليه

كان ” أنس” لايحب هذه النصائح ولكنه كان يخفي رفضه للنصائح من والده فلقد إعتاد أباه

على نصحه منذ الصغر وحتي الكبر .

وكانت تلك المرة الأولى التي كان يسافر فيها أنس لبيت جده وحدة دون أباه وأمه وأخته حبيبة

وصل “أنس” ووالده إلى محطة القطار وإلتفت” أنس ” لوالده وقال وهو يفرك يده من البرد القارس:

– لقد وصلنا مبكراً

قال الأب بنبرة حازمة بعد أن رمق ساعة يدة بسرعة:

هذا أفضل…. أن تصل مبكراً وتتنتظر خير لك من أن تصل بعد فوات الأوان

– “أنس” :اشتقت لجدي

– الأب: وهو أيضاً ينتظر وصولك بشغف يا” أنس”

– لا أدري لماذا يرفض الإنتقال ليقيم معنا!

– جدك مرتبط ببيته وله فيه ئكريات طويلة

-“أنس”: وأسرار

رفع الأب حاجبيه الكثيفين وقال وهو يُطالعه من فوق عويناته: أي أسرار؟

– غرفة الأشباح!!

وصل “أنس” بالقطار إلى بيت جده حتى إلتقيا به وحضنه ثم طال العناق بينهما ليمسح الجد وجه حفيده بكفه قائلاً:

– ازددت طولاً يا أنس وتباعد منكباك

-أنس: أرأيت أنا الذي يحتويك في حضنه يا جدي وليس العكس

– الجد: أوحشتني يا أنس

– وأنت ياجدي أوحشتني كثيراً

دخل أنس إلى بيت جده المليء بالأسرار من كتب في مكتبة عجيبة وبيت فخم مثل القصور

القديمة وغرفة مغلقة لم يدخلها أحد من قبل

دار أنس حول نفسه وكأنه يحتضن البيت ثم قال:

– كم أحب هذا البيت

ابتسم الجد وقال بود: هو بيتك يا حبيبي.. وبيتكم جميعاً

غرفة الأشباح!

فاجأهما صوت ارتطام قوي ذهب الجد مسرعاً إلى غرفة المعيشة إذ رأى كتابا قد وقع محطماً

معه تمثالاً من الخشب لشجرة عجيبة .

أتبعه أنس والتقط الكتاب وقرأ عنوانه بصوت مسموع:

” أبادول” ماذا تعني تلك الكلمة ياجدي؟ وكاد أنس يفتح الكتاب ليقرأ اسم مؤلفه لكن جده خطفه منه .

التفت الجد قائلا:

ابادول كلمة نوبية تُعني الجد{ آبا } بمعنى { أبي }و {دوول } بمعنى{ كبير}

ابتسم انس ممازحاً جده قائلاً:

حسناً يا أبادول… من كسر الشجرة ولماذا أُلقي الكتاب على الأرض؟

ربما ” صفية”

ولكن أين هي صفية؟ !

أو زوجها..ربما!

لا أرى العم راغب هنا كذلك! هل لديك قطة ياجدي؟

رفع الجد حاجبية وكأنه وجد ضالته وقال:

ربما أحياناً تقفز القطط من نافذة الحديقة, سأخبر راغب ليبحث عنها

جدي.. هل أنت بخير؟ يدك ترتجف!

ادرك الجد ان أنس لاحظ ارتباكه فرسم سريعاً على وجهه إبتسامة واسعة وأمسك بذراع حفيدة وسار معه وهو يقول:

لم أُفطرحتى الآن يبدو أن مُعدل السكر قد إنخفض في دمي لكن الحقيقة أن جده يخفى عليه

سراً وراء ذلك الكتاب

كانتت تتعالى الهمسات في غرفة الأشباح بالطابق العلوي هناك صوت أُنثوي رقيق يصدر من تلك الغرفة وينادي على “أنس”…!

وقف أنس يراقب إهتزاز الأغصان من نافذة المطبخ الذي كان يتناول فيه الفطور مع جده فقال

“أنس” لجده: أعطني مفتاح المكتبة ياجدي

قال الجد متوتراً: دعك من القراءة الآن وإجلس معي فالأجازة طويلة

إذاً فالنذهب معاً تردد الجد للحظات ثم أخرج المفتاح من جيبه وأعطاه لحفيده وقال له: هذه

المرة لابد أن تذهب وحدك

تعجب أنس من كلام جده وأخذ المفتاح سريعاً إلى المكتبة, ثم دخل “أنس” بعد صوبة فتح الباب الذي قد صدأ

وكانت الغرفة باردة جداً على عكس أجواء المنزل, بدأ بالبحث عن ما يجب أن يقرأ فمن عادتة

قراءة العنوان قبل أن يختار ما يقرأة

“المكتبة”

رأى “أنس” كتاباً يُشبه كتاب جده الذي كان في غرفته وأخذه منه جده بسرعة قبل أن يقرأة فسحب ذلك الكتاب

ثم إهتزت كل الكتب الموجودة فطارت في الهواء فتعجب أنس وخاف مما رآه فوقعت كل

الكتب ورسمت دائرة حول “أنس” وصدر منها صوت دوي إهتز منه قلب “أنس” من الفزع

فصعد تراباً من الغرفة على شكل هالة من الدخان الخفيف حوله, صفحات الكتب تتقلب وحدها وكأن شخصاً يبحث فيها

فجأة..! إنغلقت كل الكتب إلا كتاباً واحداً ظل مفتوحاً أمام “أنس” الذي كان يرتجف من الفزع

إلتقط”أنس” الكتاب وعلامات الخوف عليه ونظر للكتاب ليرى وجهه قد رسم على الصفحة الأولى منه وكأن هناك شبحاً قد رسمها

ثم أغلق الكتاب ليجد كلمة مكتوبة بخط واضح ” إيكادولي” قلب الكتاب باحثاً عن إسم الكاتب فلم يجده

لكنه فزع عندما رأى علامة قد رآها هو من قبل في كوابيسة, وكانت كل صفحات الكتاب خالية من الكلام! أخذ “أنس” الكتاب وركض داخل البيت.

وصل “أنس” لجده وهو مُرتعب وصاح بفزع:

– الجن.. تلك الغرفة مسكونة لا ريب… الأرواح…الأشباح

– اهدأ يا “انس”

– الكتب تطير..و..و..الأوراق تتحرك بسرعة.. هناك صوت يصدر من بين الكتب

– قال له جده هل رأيت الرمز؟

إنقطعت أنفاس “أنس” فجأة لم يتوقع هذا السؤال!

قال بخفوت: أي رمز!

أمسك الجد بعلبه السكر وسكبها على الطاوله ورسم الرمز الذي رآه “أنس” من قبل في كابوسة ورآه أيضاً على ظهر

الكتاب, كان الرمز يُشبه حرف تي وفوقة خط .

كتاب “إيكادولي”

قال الجد لقد إختارني من قبل كتاب ” أبادول” ومعناها الجد وكان رمزي الرقم واحد..أما

والدك فإختاره كتاب” أمباب تود” ومعناه إبن أبيه وكان رمزة الرقم إثنان

كلا الكتابين يحكي قصة الخير والشر, النهار والليل, الأبيض والأسود وكان لابد من التدخل .

أمسك الجد بيد حفيده وقال له: تلك الكتب حية يا ولدي إنها تتنفس تعيش وتشعر بنا ولم يصدق

“أنس”ويقول لا أصدق إنها جماد هذا هراء

قال الجد:ماحدث معك حدث مع أبيك ومعي أيضاً!

قال “انس” ماذا تعني؟

قال الجد: لا أدري عن أي شىء سيحكي كتابك, فالكلمات لن تظهر إلا لك

روى له جده عن ما حدث معه في روايته من قبل في “مملكة البلاغة” التي في الواقع هي

خيال, وقال لهى ستسافر إلى هناك يا ” أنس”

لم يصدق” أنس ” ما قاله جده, فأي مملكة تلك التي سيذهب إليها “انس”وصف جده المملكة وقال:

أرض غريبة المناخ يُشبه ذاك الذي نراه في نهار الشتاء, الشمس باهتة والطيور هناك حجمها

أكبر عن هنا يغطيها الريش الكثيف, والماء أخضر اللون, والضباب يلف كل شىء

الأشخاص غريبوا الأطوار والهيئة والملابس, وكأن كل حُقبة منهم من زمن مختلف وبيئة

مختلفة, وكأنهم جمعوا من أزمنة مختلفة لمهمة ما.

أحضرله جده كل ما يفيدة في رحلتة إلى مملكة البلاغة وقال له: لقد تم إستدعاؤك اليوم وستذهب إن شاء الله

“صقر كبير إسمه الرمادي”

قال الجد لأنس: سوف يحملك صقر كبير إلى مملكة البلاغة وقال أنس أين هذا الصقرفقال إنه

في الغرفة في الطابق العلوي

قال أنس: غرفة الأشباح فقال الجد: أمازلت تسميها غرفة الأشباح؟.. لا توجد أشباح

هبت ريح قوية إهتزت لها جدران البيت وصدر صوت مخيف مزعج وأظلمت السماء ذهب أنس

إلى الغرفة وأغلق عليه الباب إذ جاءه صقر كبير إسمه” الرمادي” حمله إلى أرض الخيال

وكل خطوه كان يخطوها أنس كانت تُسجل في كتابة الذي كان يحمله معه في رحلتة كانت

تُسجل من تلقاء نفسها وكأن أحداً يكتبها بيده

كل خطوة, وكل موقف, وكل مغامراتة خلال رحلتة الخيالية وكل الأشخاص الذي قابلهم لقد تم

تسجيل كل ذلك في كتاب “إيكادولي”

عاش الكثير من المغامرات الخيالية وسط الغابات والحقول وكأنه في أرض الواقع, ومنها

أحب “أنس” فتاه من عالم الخيال ليجدها في أرض الواقع والحقيقة

وكانت إسمها “مرام” فتاة خجوله طيبة القلب أحبت أنس في عالم الخيال وعالم الواقع

والمعنى لإسم إيكادولي هو الحب باللغة النوبية

إجتمعا الإثنين في النهاية ليشكلا معاً حياتهم الحقيقية بعيداً عن الخيال, فرح أنس بمرام وكان يغني لها “إيكادولي”..إيكادولي…تمت

Exit mobile version