web analytics
السينما

الواقعية في عرض قضية المرأة بين “مراتي مدير عام” و “تيمور وشفيقة”

نستعرض اليوم في موقع مقالات الفرق و الواقعية في عرض قضية المرأة بين فيلمين مشهورين جدا كلا في زمنه ألا وهم “مراتي مدير عام” و “تيمور وشفيقة ” حيث أن بينهما زمن يُقدر بواحد وأربعين عاماً بين مدة عرض فيلمين جسدا حالتين مختلفتين من الأزمنة، والصورة، والانتاج السينمائي، وليس فقط في القصة.

ورغم تضافر جميع العناصر السابقة في تقديم عمل فني مؤثر في الأجيال التي عرض لها كلا الفيلمين، إلا أن التفكير في توقيت عرض كل منهما يمثل الحالة الثالثة، والتي شغلت العديد من عشاق السينما، ولا نقصد هنا المتخصصين؛ بل نقصد من جعلوا السينما “فن صناعة الصورة” على رأس اهتماماتهم.

هذا بالإضافة إلى القضية التي برزت من التضاد بين القصتين، والذي يرتكز على عصر إما كان قد أحرز تقدماً في وقت سابق، أو يحرز ثباتاص وتأخراً بشكل ما في الوقت الحديث.

عن فيلمي ” مراتي مدير عام” للمخرج فطين عبد الوهاب، و” تيمور وشفيقة” للمخرج خالد مرعي، نتناول حديثنا في الأسطر القادمة.

الصورة السينمائية بين “مراتي مدير عام” و “تيمور وشفيقة”

نبدأ في البداية بملاحظة صورة أبيض وأسود راقية، ومريحة للبصر، وكذلك لمتابعة الأحداث، و”بروزة” الإفيهات أو المشاهد المختلفة لحالات “الحب” و “الإنفعال” و “الكوميديا” و ” الدراما” وغيرها من الحالات الأخرى.

لم يكن الأداء مفتعلاً، على العكس لقد ظهرت التركيبات المختلفة للشخصيات التي أصبحت رموزاً معروفة، وواضحة يمكن أن تراها من “لحم ودم” بأي مصلحة قطاع خاص أو عام.

هذا بالإضافة إلى حركة مميزة للكاميراً بين المواقع المختلفة، والمشاهد السينمائية الراقية، وصوت مميز لشادية في أحد الأفلام التي لم تغني بها قط، وذهب بصلاح ذو الفقار إلى دور الزوج بشكل مختلف.

أما بالنسبة لـ”تيمور وشفيقة” فقد تناسبت حركة الكاميرا وسينما “الألوان” مع مختلف التيمات السابقة، وتميزت كذلك بعرض أداء استثنائي لمنى زكي واحمد السقا بشكل أيضاً اعتمد البساطة التي وإن هدفت لأمر فما هدفت إلا لتعميق المقصد أو الفكرة، وترك رد الفعل النهائي للجمهور.

تناسب مستوى الصوت كذلك ووضوحه رغم تنوع بيئات العرض لقصة الفيلم، بين مؤسسات مختلفة، واستطاعت الشاشة بشكل بسيط وخالي من التعقيدات نقل الشعور بالبرودة في مشاهد الثلج، أو بالحرارة في مشاهد المصيف، وكذلك بالسكون في مشاهد الليل أو السكون.

وكما أحدث الأسلوب البسيط تعميقاً لقضية عاطفية من طراز غريب ومثير للجدل، أحدثت العناصر الفنية تبايناً ساعد في سير الأحداث بتسلسل حرفي نحو الذروة، وحتى نهاية الفيلم.

يُذكر أن تيمور وشفيقة كان خالياً من الأغاني أيضاً، ولعل هذه هي الصدفة الثانية التي جمعت بين عناصر الصورة السينمائية لفيلمين، شاء التاريخ السينمائي أن يخلد من خلالهما علاقة الرجل بالمرأة من خلال توقيت عرض كل منهما.

الواقعية في عرض قضية المرأة
مشهد بين شادية وصلاح ذو الفقار في مراتي مدير عام
الواقعية في عرض قضية المرأة
مشهد من فيلم تيمور وشفيقة

كيف أثر الاختلاف بين العصرين على “القصة” بالنسبة للفيليمين؟

إن زمن عرض الفيليمين هو القضية الحقيقية وراء حالة التساؤل التي وضعنا فيها التضاد بينهما.

فـ”مراتي مدير عام” بطولة الفنانة الكبيرة شادية، والفنان صلاح ذو الفقار تم عرضه عام 1966 يدعو للانتصار لقضية وضع المرأة في المجتمع، وأنها تستحق أن ترأس أكبر المؤسسات في المجتمع، ونرى الزوج يتقبل ذلك بل و يعاونها على السير قُدماً، حتى بعد تعقد الأمور نجد أن الأحداث تنتهي على استمرار حب الزوج ودعمه لزوجته.

أما بالنسبة لـ”تيمور وشفيقة” بطولة منى زكي وأحمد السقا فنجد فيه أن تيمة الرجل الشرقي المتسلط، والمتملك بدافع الحب تجعله لا يتقبل المرونة في التعامل مع شريكته، وتعاملها مع الحياة إلا بحساب، والأدهى من ذلك أنه يطالبها بتهميش كيانها إلى جوار كيانه وذلك رغم حرصه الشديد على حياتها، وحبه لها. فالأمر هنا يجعلنا نتساءل: هل يجتمع الحب مع الأنانية في قلب واحد؟

لو كان الأمر باحترام القيم لكان العكس هو ما حدث في كلا القضيتين، ولكن الحقيقة أن مصر بنهاية الستينات واقتراب حقبة السبعينات كانت على أعتاب مرحلة الانفتاح، والتحضر، وأصبح تقلد المرأة لمناصب عديدة هي غاية الجميع، وأمر طبيعي بالنسبة لأغلب فتيات المجتمع من المتعلمات، والحاصلات على الشهادات العليا. بل إن الأمر وقتها كان مدعاة للفخر بالإبنة رغم بساطة الحياة وقتها، وزيادة الترابط الأسري. ولعل ما سبق كان له دور رئيسي في التطبع بأهم سمات “المجتمع الحضري” وهي التسامح.

فسمة “التسامح” تعني قبول أي تغييرات تطرأ على حال اعتاد عليه المجتمع أو عاش على فطرته
لفترات طويلة أو قصيرة. ولأن لكل أمرمزاياه وعيوبه، فقد زاد مع الانفتاح ظهور الكثير من
التغيرات التي أحدثت تغيير جذري في مرحلة سابقة، وزاد هذا التغيير حتى بدايات الألفية الثانية.

لقد ظهر تيمور وشفيقة ليبرز حالة خاصة من الحب، ربما أثارت الانتباه في الوقت الذي كانت تعالج
فيه قضايا الحب بعيداً عن صراعات الاتجاهات بين الحبيبين إلا ما رحم ربي من بعض الأفلام التي
عُرضت في توقيت عرض “تيمور وشفيقة” أو سبقته.

وعلى العكس من “مراتي مدير عام” نجد أن تيمور لم يكن زميلاً لشفيقة في الدراسة، ولم يقتنع
بأي نجاح لها، سوى كونها الحبيبة التي “تربت” معه منذ ميلادها، حتى بعد أن تنجح في كونها
أصغر وزيرة للبيئة في تاريخ مصر، وبعد أن تختبرهما المقدرات، تختار شفيقة التنازل عن
الوزارة لأنها لم ترض لحبيبها الأذى، رغم كبريائه الذي أوقعهما أسفل مظلة الفراق كحبيبين و
البقاء كـ”إخوة” لمدة سبع سنوات!

نستنتج مما سبق أن “توقيت” عرض مراتي مدير عام خلق تحضراً في وقت سابق، وكان الأم
ر وقتها طبيعيا إذ أن مصر كانت تتمتع فيه بباكورة حياة التحضر وملامحها، بينما عرض تيمور
وشفيقة تأخراً في شكل العلاقة بين الرجل والمرأة رغم حداثة توقيت عرضه.

الواقعية في عرض قضية المرأة
أفيش فيلم مراتي مدير عام
أفيش فيلم تيمور وشفيقة

أفلام أخرى على صعيد علاقة الرجل بالمرأة

ربما يمكننا الإشارة هنا، من باب ذكر أفلام أخرى دعمت الحلقة الخاصة بكل فيلم، ومنها :

  • فيلم “أنا حرة” إخراج صلاح أبو سيف.
  • فيلم “الباب المفتوح” إخراج هنري بركات.

ولكل فيلم منهما قضية تنتصر بها الأحداث لوجود المرأة في المجتمع، وأنها تستطيع أن تمثلاً
ركناً قوياً يشاطر الرجل المسؤولية في بناء الوطن وتعميره.

أما بالنسبة لقضية تيمور وشفيقة، فقد زاد من قضية رد المرأة إلى شكلها التابع للرجل،
ورفض نجاحها أفلام أخرى، تصف القهر الذي تتعرض له المرأة، مثل:

  • فيلم “بنتين من مصر” للمخرج محمد أمين
  • وفيلم ” إحكي ياشهرزاد” للمخرج يسري نصر الله
  • وفيلم ” 678 ” للمخرج محمد دياب

ولعل الأمثلة كثيرة هذه المرة، نظراً لحجم التعقيدات التي أفرزها عدم وجود الثقافة والتسامح
للتعامل مع التغيرات التي طرأت على المجتمع بشكل إيجابي.

ولقد أفرز عدم الاعتراف بالمشكلة الناجمة عن وجود الفجوة في علاقة الرجل والمرأة، بل و
المطالبة المبالغ فيها بالمساواة بينهما، دون النظر إلى المناداة بحرص كلٍ منهما على حقوق
الآخر، إلى ظهور الكثير من الأمراض الاجتماعية في علاقة الطرفين ببعضهما، مما أثر على
نسق القيم الاجتماعية، وعلى شكل العلاقة الطبيعية بينهما كبشر.

كما أدى ذلك لوجود خلل ملموس في مفاهيم الأنوثة والرجولة عند كل منهما، فزاد ميل معظم
الفتيات والنساء نحو السلوك الرجولي، وطبعت الملامح الأنثوية آثارها على سلوك الرجال.

وبناءاً عليه، فنحن نطمح لسينما مؤثرة في المرحلة القادمة تهدف إلى تصحيح المفاهيم السابقة،
والعمل على استيعابها، وتنشئة الأجيال القادمة عيها، وعلى حمايتها.

هدير الهنداوي

أعمل بمجال الإعلام الإلكتروني (صحافة، إذاعة،تليفزيون) منذ عام 2009 . وكاتبة محتوى منذ عامين. كما أنني قمت بإعداد بعض من النصوص المسرحية، وكتابة العديد من القصص القصيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply.

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.