web analytics
السياسة

فلاديمير بوتين : قصة حياة فلاديمير بوتين

يحكم فلاديمير بوتين روسيا منذ عام 1999، و منذ ذلك الوقت قام بتشكيل البلاد في مجتمع استبدادي و عسكري، لقد نجح في اجتياح اثنين من جيران روسيا وتعزيز العلاقات مع سوريا وإيران، وهو عازم على مقاومة النظام العالمي الغربي.

فلاديمير بوتين ، 17 سنة في السلطة. أقوى رجل في العالم.

لفهم كيف يمكن لرجل واحد أن يكون له مثل هذا التأثير القوي على بلده، فأنت بحاجة إلى العودة إلى الفوضى والفساد اللذين عصفا بروسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
عندما سقط جدار برلين، كان بوتين البالغ من العمر 40 عامًا يعمل كجاسوس سري في ألمانيا الشرقية لصالح وكالة الأمن السوفياتي KGB.

تم حل الاتحاد السوفيتي إلى 15 دولة جديدة، بما في ذلك الاتحاد الروسي الجديد، في نظر بوتين، فقدت روسيا للتو مليوني ميل مربع من الأراضي، و صفها هذا الحدث لاحقًا بأنه كارثة القرن الجيوسياسية الكبرى، و تحسر على عشرات الملايين ممن وصفهم برفاقه الوطنيون الذين وجدوا انفسهم خارج الاراضي الروسية.

مسار السقوط

كان على الحكومة الجديدة بيع ما يقرب من 45000 شركة عامة مثل شركات الطاقة و التعدين و الاتصالات التي كان يديرها النظام الشيوعي.

كان الوضع فوضاويا، حيث كان الاقتصاد الروسي في حالة تباطؤ و انتهت كل هذه الشركات في أيدي عدد قليل من أثرى الأغنياء في البلد المنهار، و المعروفة اليوم باسم القلة الروسية ” الأوليغارشية “. في الوقت نفسه، كانت الدولة الروسية الجديدة تواجه صعوبة في تأسيس نفسها.

كان أول رئيس روسي بوريس يلتسين لا يحظى بشعبية كبيرة لتعاونه مع الغرب، ومما زاد الطين بلة أنه كان مدمنا على الكحول، و الكثير من الروس مستاؤن من تصرفاته، و من أجل البقاء في السلطة، استند إلى دعم هؤلاء القلة، و أعطاهم الكثير من الامتيازات، مما جعلهم القوة الرئيسية المسيطرة على البلاد.

رحلة الميل تبدأ بخطوة

فلاديمير بوتين

غادر بوتين الكي جي بي في عام 1991 و أصبح نائب عمدة سان بطرسبرغ.

استخدم بوتين منصبه لتقديم معاملة خاصة للأصدقاء والحلفاء في القطاع الخاص.

فقد ساعدهم على تنظيم الاحتكارات و قام بتنظيم منافسيهم، و سرعان ما أصبح مفضلاً بين القلة فاحشي الثراء.

قبل فترة طويلة، قام بتجميع شبكة دعم من القلة و زعماء الجريمة ومسؤولي الأمن، معظمهم من زملائه السابقين من ضباط المخابرات السوفيتية السابقة.

وبمساعدتهم، اعتلى بوتين المنصب الأعلى في الدولة الروسية الجديدة. ففي عام 1999، قام الرئيس بوريس يلتسين بتعيين بوتين، الذي ما زال غير معروف نسبيًا في السياسة الوطنية، ليكون رئيس الوزراء.

كان فلاديمير بوتين قومياً شرساً

خشي بوتين من أن يلتسين كان يسمح للولايات المتحدة بالسيطرة على روسيا وأن الناتو، وهو التحالف الذي عمل لعقود لاحتواء النفوذ السوفيتي، سوف يتوسع ليشمل البلدان المحررة الجديدة ويحيط بروسيا.

ثم أصبح هدف بوتين بناء دولة روسية قوية، دولة مستقرة في الداخل وقادرة على ممارسة المزيد من النفوذ على جيرانها.

وسرعان ما حصل على فرصته … خلال فوضى ما بعد الاتحاد السوفيتي، كان هناك عنف متصاعد في الشيشان، وهي منطقة انفصلت بشكل غير رسمي عن روسيا في منتصف التسعينيات.

كان أمراء الحرب في الشيشان والإرهابيون يندفعون إلى الأراضي الروسية ويهاجمون الحدود. في أغسطس 1999، سلسلة من التفجيرات المميتة أدت إلى مقتل أكثر من 300 شخص في العديد من المدن الروسية، بما في ذلك موسكو. بوتين، رئيس الوزراء الجديد، يلوم الانفصاليين الشيشان على الهجوم. و يظهر بانتظام في التلفزيون الروسي مدعيا أنه سينتقم للشعب الروسي.

حشد الجماهير

قفزت شعبية بوتين من 2% قبل القصف إلى 45% بعد التفجيرات، و قد كشف الصحفيون في وقت لاحق عن أدلة تشير إلى أن أجهزة الأمن الروسية ربما كانت متواطئة في تفجيرات موسكو، و ربما كان الهدف من وراء ذالك جلب الدعم لرجل قوي مثل بوتين، لكن تحقيقاً مغلقاً سرعان ما ألغى نظريات المعارضة.

شنت روسيا حربًا مدمرة على الشيشان. تعرضت العاصمة جروزني للقصف الروسي و توفي ما يقرب من 80 ألف شخص. و في أقل من عام نجحت روسيا في إعادة الشيشان إلى سيطرتها.

فلاديمير بوتين الرئيس

فلاديمير بوتين

في ديسمبر 1999 استقال يلتسين مما جعل بوتين الرئيس المؤقت للبلاد. و في مايو من نفس العام، خلال الحملة الدموية في الشيشان، فاز بوتين في الانتخابات الرئاسية.

بدأ بوتين في تشكيل الدولة الروسية حسب رؤيته. المحسوبية والفساد لا تزال من بعض أدواته الرئيسية، لكنه سرعان ما أخضع القلة ” الأوليغارشية ” تحت حكمه.

أولئك الذين كانوا يدعمون بوتين يكافأون الأن، أولئك الذين لا يتم القضاء عليهم، و لكن…
“ميخائيل خودوركوفسكي ” أغنى رجل في روسيا، وقطب صناعة النفط الروسية، قد حكم عليه بالسجن لمدة 14 عامًا بتهمة اختلاس النفط.

تخلص بوتين من الأوليغارشية، و أصبح الآن حراً في نقل رؤيته إلى خارج حدود روسيا.

تحدي فلاديمير بوتين للغرب

في ذلك الوقت، كانت العلاقات مع الولايات المتحدة جيدة نسبيًا. لقد قضى بوتين أجازة صيفية في منزل جورج دبليو بوش الصيفي.
لكن الأمور كانت على وشك التغيير … في أغسطس 2008، عندما غزت روسيا جورجيا، الجمهورية السوفيتية السابقة. كان اسنعراضاً للعدوان والقوة لصالح الانفصاليين الموالين لروسيا هناك.

سرعان ما ضمت روسيا جزأين صغيرين من جورجيا، مما أثار إستنكار المجتمع الدولي. ومن المثير للاهتمام أن بوتين لم يكن رئيسًا أثناء الغزو
حيث ينص الدستور الروسي على أنه لا يمكن للرئيس أن يخدم سوى فترتين متتاليتين، لكنه لا يضع حداً على العدد الإجمالي للفترات التي يمكن للشخص أن يخدمها.
فقد تولى بوتين رئاسة الوزراء مرة أخرى عندما كان خليفته المختار ديمتري ميدفيديف رئيسًا.

عندما انتخب باراك أوباما رئيسًا للولايات المتحدة في عام 2008، حاول إعادة العلاقات مع روسيا. أحرز بعض التقدم، و أبرز مثال على ذالك، الحد من الترسانات النووية للبلدين، لكن بوتين لا يزال لديه شكوك كثيرة إزاء نوايا الولايات المتحدة ويظل معارضًا لهذه العلاقات الجديدة.
لقد انزعج بشكل خاص من التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط، وخاصة في ليبيا في عام 2011. وانتقد علناً ميدفيديف لعدم استخدامه لحق النقض في مجلس الأمن الدولي.
يعلن بوتين ترشحه للرئاسة ويفوز بانتخابات عام 2012 بهامش غير معقول.

المزيد من الاستبداد

بدأ بوتين ولايته الثالثة مرة أخرى وسط الفوضى، و ضاعف من أسلوب حكمه السلطوي في الداخل واتباع استراتيجية عسكرية في الخارج، و لكن في كلتا الحالتين، يظهر سيطرته على عالم المعلومات.

عندما تولى بوتين منصبه لأول مرة في عام 2000، أحكم بوتين قبضته على التلفزيون الروسي، فجميع وسائل الاعلام المسموعة والمرئية و منافذ الأخبار هي في الأساس آلات دعاية مملوكة للدولة، حيث يتحكم نظامه في كل كلمة تبث على الهواء، ويظهره دوماً على أنه الزعيم الروسي القوي، مثالاً على ذالك، في عام 2012، أدار التلفزيون الحكومي حملة عنيفة ضد مجموعة موسيقية تدعى ” Pussy Riot ” تدافع عن حقوق المرأة والمثليين.

عزز بوتين استراتيجيته الخارجية العدوانية، لقد استخدم الأساليب العسكرية التقليدية مثل إرسال الأسلحة والطائرات المقاتلة لمساعدة بشار الأسد في خوض حرب أهلية دموية في سوريا.
طور بوتين جيشاً الكترونياً يعتبر الأكثر فاعلية في العالم، و قد استخدمه لإحداث الفوضى في الغرب، والأمثلة على ذلك كثيرة.

فقد سرق هؤلاء القراصنة معلومات سرية من الولايات المتحدة، حيث قاموا باختراق حسابات البريد الإلكتروني للسياسيين، حتى أنهم أغلقوا الإنترنت في جورجيا أثناء غزو القوات الروسية، و اتهامات بمحاولة تخريب حملة هيلاري كلينتون الرئاسية في عام 2016.

كما أطلقوا أيضًا حملات دعائية لدعم المرشحين اليمينيين في أوروبا. و مع هذا، يأمل بوتين في استغلال وتعميق الفجوة السياسية في الديمقراطيات الغربية.

في عام 2014، توجت رؤية بوتين باستهداف أوكرانيا؛ دولة سوفيتية سابقة أخرى. كان الرئيس الأوكراني ينفتح على الغرب و كان بوتين يخشى أن تنضم أوكرانيا إلى الناتو. لذا أطلق القراصنة الروس حملة دعائية ضده لإذكاء الاحتجاجات في الجزء الشرقي الموالي لروسيا.

كان بوتين قد أرسل قوات روسية متنكرة قبل اندلاع العنف بفترة طويلة، و في أوائل عام 2014، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم.

تواصل القتال في أوكرانيا، و حتى عام 2017 مات أكثر من 9000 شخص. عبر العالم عن استيائه، لكن بوتين لا يستسلم.

نجحت سياسة بوتين الخارجية العدوانية في اضعاف جيرانه بنجاح، بينما تجمع الروس من حوله، لكن كل هذا كان على حساب شعبه، حيث فرض الغرب عقوبات قاسية على روسيا.

منعت الشركات الروسية من التداول في الأسواق الغربية، و انخفضت قيمة العملة الروسية و كانت صناعة الطاقة التي تعتمد عليها روسيا تنهار.

فلاديمير بوتين


من الصعب تخيل عدم انهيار روسيا في ظل هذه الظروف، لكن انتخاب دونالد ترامب يجلب أملا جديدا لرؤية بوتين، و هذا ما كان متوقعاً، قام دونالد ترامب برفع العقوبات عن روسيا، ووصفه الدائم لحلف شمال الأطلسي (NATO) بعدم جدواه وأنه يشكل عبئاً على الولايات المتحدة، و بهذا يحتمل أن يفسح ترامب المجال أمام “روسيا بوتين” لتصبح قوة مهيمنة مرة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply.

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.